الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: إظهار الحق (نسخة منقحة)
.الوجه الخامس: قال هورن في الصفحة 131 من المجلد الأول من تفسيره المطبوع سنة 1833: إن سلمنا أن بعض كتب الأنبياء فقدت فقلنا: إن هذه الكتب ما كانت مكتوبة بالإلهام، وأثبت أكستائن بالدليل القوي هذا الأمر، وقال إنه وَجَد ذكر كثير من الأشياء في كتب تواريخ ملوك يهودا وإسرائيل ولم تُبَّين هذه الأشياء فيها، بل أُحيل بيانها إلى كتب الأنبياء الآخرين، وفي بعض المواضع ذكر أسماء هؤلاء الأنبياء أيضًا، ولا توجد هذه الكتب في هذا القانون الذي يعتقده كنيسة اللّه واجب التسليم، وما قدر أن يبين سببه، غير أن الأنبياء الذين يلهمهم الروح القدس الأشياء العظيمة في المذهب تحريرهم على قسمين، قسم على طريقة المؤرخين المتدينين يعني بلا إلهام، وقسم بالإلهام، وبين القسمين فَرْق بأن الأول منسوب إليهم، والثاني إلى اللّه، وكان المقصود من الأول زيادة علمنا، ومن الثاني سَنَدَ الملة والشريعة، ثم قال في الصفحة 133 من المجلد الأول في سبب فقدان سِفر حروف الرب الذي جاء ذكرُه في الآية الرابعة عشرة من الباب الحادي والعشرين من سفر العدد: (إن هذا الكتاب الذي فُقِد، أنه مظنون كان على تحقيق المحقق الكبير داكتر لائت فت كتابًا كتبه موسى عليه السلام بأمر اللّه بعد ما كسر عماليق على طريق التذكرة ليوشع، فيعلم أن هذا الكتاب كان مشتملًا على بيان حال هذا الظفر، وعلى بيان التدابير للحروب المستقبلة، وما كان إلهاميًّا ولا جزءًا من الكتب القانونية) ثم قال في الضميمة الأولى من المجلد الأول: (إذا قيل إن الكتب المقدسة أُوحيت من جانب اللّه فلا يراد أن كل لفظ، والعبارة كلُها من إلهام اللّه، بل يُعلم من اختلاف محاورة المصنفين واختلاف بيانهم أنهم كانوا مجازين أن يكتبوا على حسب طبائعهم وعاداتهم وفهومهم، واستعمل علم الإلهام على طريق استعمال العلوم الرسمية، ولا يتخيل أنهم كانوا يُلهمون في كل أمر يبينونه، أو في كل حكم كانوا يحكمونه) انتهى ملخصًا.ثم قال: (هذا الأمر محقق أن مصنفي تواريخ العهد العتيق كانوا يلهمون في بعض الأوقات)..الوجه (السادس): قال جامعو تفسير هنري واسكات في المجلد الأخير من تفسيره نقلًا عن (الكزيدر كينن) يعني الأصول الإيمانية لا لكزيدر: (ليس بضروري أن يكون كل ما كتب النبي إلهاميًّا أو قانونيًا، ولا يلزم من كون بعض كتب سليمان إلهاميًّا أن يكون كل ما كتبه إلهاميًّا، وليحفظ أن الأنبياء والحواريين كانوا يُلْهمون على المطالب الخاصة والمواقع الخاصة) (والكزيدر) كتاب عند علماء البروتستنت، ولذلك تمسَك به الفاضل وارن البروتستنت في مقابلة كاركرن الكاثلك في صحة الإنجيل وعدمها، وكون التفسير المذكور معتبرًا عندهم غير محتاج إلى البيان..الوجه (السابع): إنيسائي كلو بيديا برتنيكا كتاب اتفق على تأليفه كثيرون من علماء إنكلترة فألفوه، وقالوا في الصفحة 374 من المجلد الحادي عشر في بيان الإلهام هكذا: قد وقع النزاع في أن كل قول مندرج في الكتب المقدسة هل هو إلهامي أم لا؟ وكذا كل حال من الحالات المندرجة فيها فقال، جيروم وكرتيس وأرازمس وبركوبيس والكثيرون الآخرون من العلماء: (إنه ليس كل قول منها إلهاميًّا) ثم قالوا في الصفحة 30 من المجلد التاسع عشر من الكتاب المذكور: (إن الذين قالوا إن كل قول مندرج فيها إلهامي لا يقدرون أن يثبتوا دعواهم بسهولة) ثم قالوا: (إن سألنا أحدٌ على سبيل التحقيق إنكم تسلمون أي جزء من العهد الجديد إلهاميًّا؟ قلنا: إن المسائل والأحكام والإخبار بالحوادث الآتية التي هي أصل الملة المسيحية لا ينفك الإلهام عنها، وأما الحالات الأخر فكان حفظ الحواريين كافيًا لبيانها)..الوجه (الثامن): أن ريس كتب بإعانة كثير من العلماء المحققين كتابًا (بانسائي كلوبيد باريس) فقال في المجلد السابع عشر من هذا الكتاب: (إن الناس قد تكلموا في كون الكتب المقدسة إلهامية، وقالوا إنه يوجد في أفعال مؤلفي هذه الكتب وأقوالهم أغلاط واختلافات، مثلًا: إذا قوبلت الآية 19 و20 من الباب العاشر من إنجيل مَتّى والآية 11 من الباب الثالث عشر من إنجيل مرقس بست آيات من أول الباب الثالث والعشرين من كتاب الأعمال يظهر ذلك، وقيل أيضًا: إن الحواريين ما كان يرى بعضهم بعضًا آخر صاحبَ وحْي كما يظهر هذا من مباحثتهم في محفل أورشليم، ومن إلزام بولس لبطرس، وقيل أيضًا: إن القدماء المسيحية ما كانوا يعتقدونهم مصونين عن الخطأ لأن بعض الأوقات تعرضوا على أفعالهم-2 و3 من الباب الحادي عشر و20 و21 و22 و23 و24 من الباب الحادي والعشرين من كتاب الأعمال- وقيل أيضًا: إن بولس المقدس الذي لا يرى نفسه أدنى من الحواريين-5 من الباب 11 و11 من الباب 12 من الرسالة الثانية إلى أهل قورنيثوس- بين حاله بحيث يظهر منه صراحة أنه لا يرى نفسه إلهاميًّا في كل وقت-10 و12 و15 و40 من الباب السابع من الرسالة الأولى إلى أهل قورنيثوس و17 من الباب 11 من الرسالة الثانية إليهم- ونحن لا نجد أن الحواريين يشرِّعون الكلامَ بحيث يظهر منه أنهم يتكلمون من جانب اللّه، ثم قال إن ميكايلس وَزَنَ دلائل الطرفين بالفكر والخيال اللذين لا بد أن يكونا لمثل هذا الأمر العظيم فحاكم بينهما بأن الإلهام مفيد في الرسائل ألبتة، وأن كُتُبَ التاريخ مثل الأناجيل والأعمال لو قطعنا النظر فيها عن الإلهام رأسًا لا يضرنا شيئًا، بل يحصل شيء من الفائدة، وإن سلمنا أن شهادة الحواريين في بيان الحالات التاريخية مثل الأشخاص الآخرين كما قال المسيح، وتشهدون أنتم أيضًا لأنكم معي من الابتداء كما صرح يوحنا في الآية 17 من الباب الخامس عشر من إنجيله لا يضرنا شيئًا أيضًا ولا يقدر أحد في مقابلة مُنْكِر الملة المسيحية أن يستدل على حقيتها بتسليم مسألة ما بل لا بد أن يستدل على موت المسيح وقيامه ومعجزاته بتحرير الإنجيليين واعتبارهم بأنهم مؤرخون، ومن أراد أن يقيس مبنى إيمانه فيلزم عليه أن يتصور شهادتهم في هذه الحالات كشهادة الأشخاص الآخرين، لأن إثبات حقية الحالات المندرجة في الأناجيل بكونها إلهامية يستلزم الدور، لأن إلهاميتها باعتبار الحالات المذكورة، فلا بد أن يتصور شهادتها في هذه الحالات كشهادة الأشخاص الآخرين، ولو تصورنا في بيان الحالات التاريخية كما قلنا لا يلزم من هذا التصور قَبَاحة ما في الملة المسيحية. ولا نجد مكتوبًا صريحًا في موضع أن الحالات العامة التي أدركها الحواريون بتجاربهم، وأدرك لوقا بتحقيقاته إلهامية، بل لو حصل لنا الإجازة أن نتصور أن بعض الإنجيلبين غلطوا غلطًا ما ثم أصلح يوحنا بعد ذلك، لحصلت فائدة عظيمة لتطبيق الإنجيل، وقال مستر كدل في الفصل الثاني من رسالته في بيان الإلهام مثل ما قال ميكايلس، والكتب التي كتبها تلاميذ الحواريين مثل إنجيل مرقس ولوقا وكتاب الأعمال فتوقف ميكايلس في كونها إلهامية). انتهى كلام ريس ملخصًا..الوجه (التاسع): أن واتسن صرح في المجلد الرابع من كتابه في رسالة الإلهام التي أخذت من تفسير (داكتر بنسن) أن عدم كون تحرير لوقا إلهاميًّا ظهر مما كتب في ديباجة إنجيله هكذا: (إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة، رأيت أنا أيضًا إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي عملت به، وهكذا قال القدماء من العلماء المسيحية أيضًا قال أرينيوس: إن الأشياء التي تعلّمها لوقا من الحواريين بلغها إلينا، وقال جيروم إن لوقا تعلمه ليس منحصرًا من بولس الذي لم يحصل له صحبة جسمانية بالمسيح، بل تعلم الإنجيل منه ومن الحواريين الآخرين أيضًا).ثم صرح في تلك الرسالة أن الحواريين كانوا إذا تكلموا في أمر الدين أو كتبوا فخزانة الإلهام التي كانت حاصلة لهم كانت تحفظهم، لكنهم كانوا أناسًا وذوي عقول، وكانوا يُلْهمون أيضًا، وكما أن الأشخاص الآخرين في بيان الحالات يتكلمون ويكتبون بمقتضى عقولهم بغير الإلهام، فكذا هؤلاء الحواريون في الحالات العامة كانوا يتكلمون ويكتبون، فلذلك كان يمكن لبولس أن يكتب بدون الإلهام إلى طيموثاوس: (هكذا استعمل خمرًا قليلًا من أجل معدتك وأسقامك الكثيرة) كما هو مصرح في الآية 23 من الباب الخامس من الرسالة الأولى إليه، أو أن يكتب إليه (الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس أحضره متى جئت والكتب أيضًا ولا سيما الرّقوق) كما هو مصرح في الآية الثالثة عشرة من الباب الرابع من الرسالة الثانية إليه، أو أن يكتب إلى فيلمون: (ومع هذا أعدد لي أيضًا منزلًا) كما هو مصرح في الآية الثانية والعشرين من رسالته إليه، أو أن يكتب إلى طيموثاوس.(أراسنس بقي في قورنيثوس وأما تروفيمس فتركته في ميليتس مريضًا) كما في الآية العشرين من الباب الرابع من الرسالة الثانية إليه، وليست هذه الحالات حالات نفسي ألبتة بل حالات بولس المقدس. كتب في الباب السابع من الرسالة الأولى إلى أهل قورنيثوس في الآية العاشرة هكذا: (فأما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الرب) وفي الآية الثانية عشرة هكذا: (وأما الباقون فأنا أقول لا الرب) وفي الآية الخامسة والعشرين (وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهن ولكنني أعطي رأيًا)... الخ، وفي الباب السادس عشر من كتاب الأعمال في الآية السادسة هكذا: (وبعد ما اجتازوا في فريجية وكورة غلاطية منعهم الروح القدس أن يتكلموا بالكلمة في آسيا)، وفي الآية السابعة هكذا: (فلما أتوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى ابثيتنية فلم يدعهم الروح) فالحواريون كان لأمورهم أصلان: أحدهما العقل، والثاني الإلهام، فبالنظر إلى الأول كانوا يحكمون في الأمور العامة، وبالنظر إلى الثاني في أمر الملة المسيحية، فلذلك كان الحواريون يغلطون في أمور بيوتهم وإرادتهم مثل الناس الآخرين كما هو مصرح في الآية 3 و5 من الباب الثالث والعشرين من كتاب الأعمال، وفي الآية 24 و28 من الباب الخامس عشر من الرسالة الرومية، وفي الآية 5 و6 و8 من الباب السادس عشر من الرسالة الأولى إلى أهل قورنيثوس وفي الآية 15 و16 و17 و18 من الباب الحادي عشر من الرسالة الثانية إليهم. انتهى كلام واتسن الذي نقله من رسالة الإلهام، وفي المجلد التاسع من (انسائي كلوبيد باريس) في بيان حال داكتر بنسن هكذا: (إن ما بين بنسن في أمر الإلهام سهل في بادئ النظر وقريب من القياس وعديم النظير والمثل في الامتحان)..الوجه (العاشر): قال باسوبر وليافان: (إن روح القدس الذي كتب الإنجيليون والحواريون بتعليمه وإعانته لم يعين لهم لسانًا معينًا بل ألقى المضمون فقط في قلوبهم وحفظهم من وقوعهم في الغلط، وخيّر كلًا منهم أن يؤديَ الملقى على حسب محاورته وعبارته، ونحن كما نجد الفرق في محاورة هؤلاء المقدسين يعني مؤلفي العهد العتيق في كتبهم على حسب أمزجتهم ولياقتهم، فكذلك يجد من كان ماهرًا بأصل اللسان فرقًا في محاورة متى ولوقا وبولس ويوحنا، ولو ألقى روح القدس العبارة في قلوب الحواريين لما وجد هذا الأمر ألبتة بل لو كان في هذه الحالة محاورة جميع الكتب المقدسة واحدة. على أن بعض الحالات لا حاجة للإلهام فيها، مثلًا إذا كتبوا شيئًا رأوه بأعينهم أو سمعوه من الشاهدين المعتبرين، إذا أراد لوقا أن يكتب إنجيله قال إنه كتب حال الأشياء على حسب ما سمعوا من الذين كانوا معاينين بأعينهم، ولما كان واقفًا فرأى مناسبًا أن يبلغ هذه الأشياء إلى الأجيال الآتية، والمصنف الذي يكون له خبر هذه الأشياء من روح القدس يقول على ما جرت به العادة: إني بينت حال هذه الأشياء كما علمني روح القدس، وإيمان بولس المقدس وإن كان عجبًا ومن جانب اللّه لكن لوقا مع ذلك لا ضرورة له في بيانه إلى غير شهادة بولس أو شهادة رفقائه، ولذلك فيه فرق ما لكنه لا تناقض فيه) انتهى كلام باسوبر وليافان وهما عالمان مشهوران من العلماء العظام المسيحية المشهورين، وكتابهما أيضًا كتاب معتبر في غاية الاعتبار، كما صرح هورن وواتسن.
|